* قريتي كانت ..ثم أصبحت ..............
عندما ينسل الفجر من بين ظلام دامس ..كانت تستيقظ قريتي
علي صوت الفلاحين وهم يتجهون الي حقولهم في جد ونشاط .بل
ان صوت الحيوانات كانت أعذب سيمفونية يسمعها الناس في
ذاك الحين .حيث كانت تعلن عن انتهاء النوم وبداية عمل شاق
ليوم جديد ..
كانت المنازل تري الي مسافات بعيدة لكونها من دور واحد لا
أكثر ومبنية بالطوب اللبن ومسقوفة بالقش والقصدير .كانت أبواب
البيوت جميعها مفتحة لا تعرف الأقفال ليلا ولا نهارا .كنا نجتمع
علي مائدة واحدة معظم أهل الحي أطفالا ورجالا ونساء
نتشارك طعاما واحدا .لم يكن أحد يحمل هما للحياة فما عند غيرك
هو ملكك ....نفوس محبة متعاونة .عندما يكون هناك عرس ما
في البلدة الكل يذهب ليبارك....اما ان كانت هناك
حالة وفاة فوالله ان البلدة كانت تغطيها سحابة من
الحزن ...فلا يسمع للراديو صوتا ولا تسمع للناس ضحكا .وكأن
المتوفي في بيتهم وليس أحدا أخر, حتى التزيين بالكحل والحناء كانت النساء ينصرفن عنه لمدة تزيد عن الشهر...... ....
يعود الناس بعد الظهر لتناول الغداء والراحة قليلا والكل يحمل
ابتسامة الرضا علي شفتيه ..ليعود من أراد بعد ذلك للحقل
وليذهب الي بعض شأنه من يشاء .حتي يؤذن لصلاة العشاء
فيهبوا الي الصلاة .ثم يعودوا الي تناول العشاء ..ويخلد معظمهم
الي للنوم ويتسامر من شاء ....حتي ينام الناس في ساعة مبكرة
والأبواب مفتحة لا قفل عليها ليهنؤوا بنوم عميق نوم لا منغص
فيه ولا كدر ..................حتي تغير وتبدل الحال , واصبحت
قريتي..........
قريتي كانت .... ثم اصبحت ...
واصبحت قريتي.كئيبة حزينة.........
حيث تناقصت الرقعة الزراعية ولم تعد تري الحقول الا في أطراف القرية ..وغلقت
الأبواب ببوابات من الحديد ..حتي لم يعد يشعر أحد بجار أو غيره
وصارت القرية مرتعا خصبا للغرور والكبرياء والاستعلاء علي
الفقير فيتنافس الناس فيما بينهم أيهم يشيد أفضل على حساب حقول يانعة مخضرة أما أعراسنا الان حدث ولا حرج اسراف وتبذير في غير حاجة
حتي أصبح تجهيز البنت يثقل كاهل من يملك فما بالك بمن لا
يملك ؟؟أما عندما يعلن عن حالة وفاة فلان .فلم يعد هناك اكتراث
بل وصلت أن تكون (فرح هنا وهناك قام المأتم ) ولا حساب
لمشاعر الناس بقليل ولا كثير .........
تغيرت معالم القرية كثيرا عن ذي قبل ولم يبق من القرية الا
اسمها .ولعلي علي خطأ ورأي غيرنا صواب فغيرنا يري أن
الوضع الان أفضل عن ذي قبل فلم يكن هناك كهرباء ولا أي نوع
من أنواع الخدمات ..ولكنا أصبحنا نعاني منذ بداية الشهر الي
أخره فواتير من كل حدب وصوب ...
ويرون أن العقول تفتحت وتنورت وتثقفت ...فقلت ثقافة هشة
ثقافة التقليد التي جلبت علينا من المدينة وغيرها أشياء ما
عرفتها القرية وصفات لم نراها الا الان ..
الا أنني من الانصاف عندما أذهب الي المدن ثم أعود أحمد الله عز
وجل أن قريتنا مازالت بها بعض الصفات الحميدة التي نأمل ألا
نفرط فيها ..........فهل يا أحبتي قراكم اصابها ما اصاب قريتي ؟؟؟؟؟.......
تعليق : kamal el farabi ,
18/02/2015